حَيَاتُنَا نَمْضِي مَعاً ،إلى الهُدى عَبرَ الزّمَن، حياتنا أمَلٌ مُضِيء.

الثلاثاء، 10 مايو 2011

صَباحُ الحُـــزن

 
صباح الحزن,هكذا أسميتُ ذلك الصباح
,استيقظت من نومي باكراً جداً وكغير عادتي,اتجهت إلى التلفاز مباشرة أيضاً كغير المعتاد ,جلست أمامه بكل هدوء ,ضغطت زر التشغيل,وكان ذلك الخبر أول ما رأته عيني,حيث كانت آخر قناة أُغْلِقَ عليها التلفاز هي أحدى القنوات الإخبارية
تريثتُ قليلاً لعدم إلمامي بالموضوع بصورة جيدة,وكان الخبر غير مؤكدٍ حين ذاك..
وما هي إلا دقائق حتى ظهر بأسفل الشاشة ,,"الرئيس الأمريكي سيلقي خطاباً للعالم بعد لحظات"
واتضح لي أنه قد تأخر ساعة كاملة عن ميعاد خطابه الذي قُرر وأُعْلِنَ عنه
وفعلاً خرج ذلك الإفريقي في منتصف الليل بالتوقيت الأمريكي ,مخاطباً العالم أجمع
عن هذه الجريمة النكراء, ليبشر أمثاله من الجبناء عن تلك الجريمة التي ارتكبها,,
بدأ يخرج كلماته التي أشعر أنها كلمات المهزوم الذي افتقد لذة النصــــر
كان يحاول أن أن يُوهم نفسه الضعيفة بأنها انتصرت,بِرَبط الكثير من الجرائم بذلكَ البطل المجاهد,التي لا نعلم سوى أنها ملفقة من قبلهم لتشويه صورة الإسلام, واستغلال أوضاع بعض البلاد الإسلامية وثرواتها,,
تلك المخططات اليهودية التي لا يشك بها أي مسلم.


أخذ يهذي ذاكـَ الإفريقي ,,ولعل هذه الكلمة هي أكثر ما لفت انتباهي ببداية خطابه,,وبسياق معناها :
{نود أن نوصل رسالة لأمثاله,أننا بقدر قوتنا نستطيع أن نفعل أي شيء نريده}
ولا أعلم كيف تحولت صورة هذا الإفريقي في مخيلتي بطريقة غير مسبوقة,فعقلي رسمهُ لي بصورة طفل ,بعدما حَصُل على لعبته بصعوبة,وهو في الحقيقة لم يحصل عليها ,لأنها كُسرت أثناء مُحاولاته بأخذها.


أرى عَظمة ذلك الشهيد المُجاهد أمام هؤلاء الجبناء الذين انحنوا خوفاً منه،،
كم كان يقف في حلقهم كالمسمار المتين !!
كم أخاف ذلك البطل كبراء العالم ،أقصد جبناء العالم

بحثت كثيراً عن تاريخ هذا البطل المجاهد ،حاولت أن أجمع وأزيد عن ما أعرفه عنه منذ سنواتٍ مضت..
استوقفتني نشأته،فقد كان شاباً مدللاً ,إبناً لرجلِ من أغنياء الجزيرة العربية ,لديه ثروة ورثها عن أبيه, بإمكانه أن يفعل بها ما يشاء,ويريح بها نفسه الكثير من عناء هذه الحياة.

أثناء تجولي

نظرت إلى صورة عجيبة ,يظهر فيها المجاهد وهو يأكل مع بعض أصدقائه في أحد الكهوف ,وليس أمامهم سوى صحن من الطعام ويلتفون حوله جميعاً.

تقطع قلبي من ذلك المنظر,,



كيف لهذا الرجل أن يبع شبابه وحياته وعمره رخيصاً هكذا ؟؟!!
كيف لتلكَ النفس البشرية أن تتخلى عن كل متاعِ للحياة قد وهبها الله إياهـا ؟؟!!

أظنه لم يرى في مخيلته إلا نعيم الجنة وفردوسها الأعلى,فسقط بنظره كل نعيم من نعيم الدنيا ,وكل هوى زائف لا يدوم سوى أيـــــام ,,


تجولت كثيراً في حياة ذلك الرجل,هو حقيقة ليس برجل واحد,بل هو والله أمة كاملة ,برحيلهم ترحل أمة,فما أحوجنا إلى هكذا رجال,باعوا الحياة رخيصة من أجل رفع راية الإسلام،، 
قد أكون مختلفاً معهُ في بعضِ اجتهاداته ،ولكن يكفيني زهده في الحياة ،فهو اشترى الدار الآخرة على الدنيا،
وهؤلاء أعتبرهم قلة قليلة في هذا الزمان,فلا يمتلك هذا الإيمان وهذا الزهد سوى القليل القليل.
وما أعظم دهشتي عندما اكتشفتُ أنه ممن يمتلكون القدر الكبير من علوم الدين وسيرة النبي,فعندما تستمع إليه ,تدمع عينك اشتياقاً إلى الشهادة في سبيل الله ,وإلى الجهاد ولذته.

أنظرُ بأسفٍ في تلكـَ الصور
ما أجمل ذلك الوجه السّموح المُنير,, ما أروع تواضعه وزهده,ما أجمل ابتسامته التي أراها تخرج من داخله بكل ثقة,,


أقول الآن بلساني بصوتٍ خافت ,,رحمك الله يا شهيد الأمة ,,
ولا تخف ,فلقد خلفت ورائك أبطالاً وأبطالاً تعلموا في مدرستك المميزة,,
تعلموا معنى الزهد,,
تعلموا قمية هذه الدنيا الفانية ,,
لا تبالي فحياتهم لن تساوي شيئاً من أجل إكمال ذاكـَ الطريق ,وتلك الرسالة العتيقة,,التي ظللنا وسنظلّ نؤمن بها.