حَيَاتُنَا نَمْضِي مَعاً ،إلى الهُدى عَبرَ الزّمَن، حياتنا أمَلٌ مُضِيء.

الأحد، 25 سبتمبر 2011

عَلى أملْ اللِّقَــاء



تُداعِبُني نَسماتُ الصَّباح الجَمِيلة كلَّ يومٍ هُنا
تَمامًا كَمَا الآن
رُغمَ أنه صَباحٌ مُختلفٌ كُليًا.
هُنا أرَى جَميعَ أحْلامي ،وأعَيشُ أعْذَب لَحظَاتي بِجِوَارِ أمّي
هُنا بهذهِ الغُرفة قَضيتُ أرْوعَ اللّحظاتِ مَعهَا
هُنا كُنّا نتبَادلُ أحْداثَ الأيّام مَعًا
هُنا تَبادلنَا أخْبَار بِلادِنَا
هُنا حَدّثت أمي عَنْ جُزءٍ مِنْ عَنائي
وحمّلتُهَا ثقلًا فَوقَ مَا عَليها ،هُنا بَادلتنِي الضّحِكَات والبَسَمَات
 والدُّمُوع عَلى حَال أمتِنَا وما يَحدثُ بِبُلدنِنَا العَربيَّة
وبسُوريَّا الحَبيبة عَلى وجْهِ الخُصُوصْ
في هَذهِ الأيّام الجَميلة التِّي قَضيتُهَا هُنا مَعَهَا ومَعْ والدِي وأخِي الصّغير
شَعُرتُ بأنِّي اسْتَنشقتُ عَبقَ الحَيَاةِ مِنْ جَديدْ
أتيْتُ إلى هُنا مُحمّلًا بِهُمُومي وهُمُوم أوطَاني وأوجَاعِه
ومعِي تَباشيرُ الفَرحِ ببدَاية ما حَقّقناه مِنْ نَصرٍ بوَطَنِنَا الغَالِي

كُنتُ سَعيدًا قَبيْلَ قُدُومِي إلى هُنا بِقَدرٍ لا حَدَّ لهُ
لدَرجَةِ أنّنِي كُنتُ أشعُرُ بِمُتعةٍ بدَلَ العَناءِ فِي رِحْلَتِي وفِي الإنتهَاءِ منْ أوْرَاق سَفَرِي
الذّي طَالَ عَنَائِي مِنْ أجْلِهِ عَامينِ تَقْريبًا
ورُغمَ الحُزن الذّي اعْتَرَانِي ولَمْ يَترُكنِّي حِينَمَا غَادرتُ وطَنًي قَادمًا إلى هُنَا
إلا أنّي كُنتُ أطَيرُ شَوقًا إلى الأحْبَابَ ومَا تَفكرتُ بتِلكَ اللّحَظاتِ التّي سَأودِّعُ بهَا أحْبَابِي وكَأن لِسَانَ حَالِي يُردّدُ مُنذُ أتيتُ " لنْ أتْرُكَكُم مَرَّة أُخْرى "


لا أعْلَمُ كَيفَ سَأسمحُ لِنَفْسِي بِأنّ تُودِّعَ أمِّي الحَبِيبةَ وأبِي الغَالي مَرْة أُخْرى
 لا لا ، كَيفَ سَيَحدُثُ هَذا !
دَعِينِي أمِّي بجِوَارَكِ ،لا تَتْرُكنِي أبِي ،أشتاقُ  إليكُمَا كَثِيرًا
ولـ نَصَائحكَ أبِي الصَّادِقَةَ لِي ،ولحَنَانِكَ وعطفَكِ أمِّي
رَافقِينِي أمِّي أحتَاجُكِ بِجِوارِي دَائمًا ،كلَّ لَحْظةٍ فِي غِيَابك عُشتُهَا بِألَمْ
كُنت أرَى بَعضًا مِنْ أصْدِقائِي الذِّينَ حَالهُم كمَا حَالِي
بُعَيدَ مُدةٍ قَصِيرةٍ رآضِينَ عَنْ غُربَتهِم وبُعْدهِم عَنْ أحْبَابهِم
ولسَانُ حَالهِم" عَلَى هَكَذَا تأقلَمْنَا "

ولكنِّي مَا استَطَعتُ أنْ أتَأقلمَ أمَّآه !
أعْلَمُ أنكِ تَتَألّمِينَ لرَحِيلِي ،وبِطَلَبِي الذِّي أُكرّرُه لكِ " رَافِقيني أمِّي أرجُوكِ "
ولكنِّي أعْلمُ جَيدًا أيْضًا عَدمَ اسْتِطَاعَتكِ عَلى ذَلكَ
وإلّا فَـ لَنْ تَردِّي لِي مَطْلبًا أبدًا


أمِّي ، فِي بُعدِي عَنكِ عَلمتُ جَيدًا قَدْرَ حَاجَتِي إليكِ ولأبِي العَزِيز
عَلمتُ كَيفَ هِي الحَياةُ مِنْ دُونكُم ، لا طَعْمَ لَهَا ولا لَونَ ولا رَائِحَة
عَلمتُ كَيفَ يَكونُ عَناؤكُم مِنْ أجْلِي ومنْ أجْلِ أخْوَتِي
عَلمتُ قَدرَكُم الذِّي لَنْ يَعلَمهُ إلّا مَنْ ذَاقَ طَعمَ البُعدِ عَنْ أبَويهِ أعْوَمًا.

أبِي ، كَلمَاتُك بأكْملَهَا فِي صدْري وأمَامَ نَاظرَيَّ
ولنْ تَغيبَ عَنّي أبدًا تِلكَ الكَلمَات
سَامحْنِي أبِي أرجُوك عَلى كُلِّ تَقصِيرٍ حَدَثَ مِنِّي بغَير قَصْدٍ
بَحقكَ أو بِحقّ نَفْسِي التِّي هِي جُزءٌ مِنكَ ، وكَانَ سَببًا فِي حُزنكَ ولوْ لِـ لَحْظَةٍ
أعْلمُ أنكّ لَستَ غَاضِبًا مِنِّي
ولكنّي سَأظلُّ أرْجُوكَ بأنْ تُسَامِحنِي أبِي لأنّي أعْلَمُ جَيّدًا حَجْمَ عَنائِكَ منْ أجْلِي
ولنْ أسَامحِ نَفْسِي عَلَى أيّ حُزنٍ لكَ كُنتُ أنا سَببهُ فِي أيّ لحْظَة منَ اللَّحَظَات
ولكنّي أعِدُكَ أبِي بأنّي سَأحَاولُ جاهدًا إسْعَادَكَ أنتَ وأمِّي بِعَونِ الله لِي إنْ شَاءَ.


فِي جُعْبَتِي الكَثيرَ والكَثيرَ لأقولهُ لكَ أمِّي ولكَ أبِي
ولكنِّي لا أودّ أنْ أُشعِرَ نَفْسِِي الآن بأنِّي أودِّعَكُم
فأنتُم بفَضلِكُم فِي قَلبِي وبِجِوَارِي بَدَعَواتكُم الصَّادقة التّي لَولاهَا لمَا عِشتُ لَحظَةً بهَذهِ الدُّنيَا التِّي لَولاهَا لمَا سِرتُ كَمَا أسَيرُ ولَمَا ابتَسَمتُ كَمَا أبتَسِم
ولمَا وُفِّقتُ كََمَا أوفَّقُ بَعدَ مَشيئة الله وكَرَمِه لِي
الذي لَو عِشنَا جُلّ عُمرِنَا نَعْبُده ، نَشْكُرهُ لمَا عَبدْنَاهُ حَقَّ عِبَادَتهِ ولَا شَكَرنَاهُ حَقّ شُكْرِِهِ .

أنتُمْ مَعِي وفِي قَلبِي بكلِّ كَيَانِكُم ،لنْ أودِّعَكُم سَأعِيشُ عَلَى أمَلِ اللّقَاءِ بكُم
صَباحُ الَمحبّة لَكُم

(مِنْ قَلبي أحِبُكُم)